جدي الحسن بن علي

--------------------------------------------------------------------------------

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
جاء في كتاب الشرف المؤبد لال محمد للعلامة يوسف النبهاني رحمه الله
الإمام الحسن رضى الله تعالى عنه أبو محمد الحسن
أمير المؤمنين سبط رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
وريحانته رضى الله تعالى عنه
هو آخر الخلفاء الراشدين بنص الحديث . ولد رضى الله تعالى عنه فى نصف شهر رمضان سنة ثلاث من الهجرة , سماه النبى صلى الله عليه وآله وسلم الحسن , وعق عنه يوم سابعه , وحلق شعره وأمر أن يتصدق بزنة شعره فضة قال أبو أحمد العسكرى : سماه النبى صلى الله عليه وآله وسلم الحسن وكناه أبا محمد ولم يكن يعرف هذا الاسم في الجاهلية .
روى عكرمة عن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما قال : كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حامل الحسن على عاتقه فقال رجل نعم المركب ركبت يا غلام فقال النبى صلى الله عليه وآله وسلم
" ونعم الراكب " .
وعن البراء بن عازب قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم واضعا الحسن بن علىّ على عاتقه وهو يقول :
" اللهم إنى أحبه فأحبه " .
وفى البخارى عن أبى بكرة : رأيت النبى صلى الله عليه وآله وسلم على المنبر والحسن بن علىّ معه وهو يقبل على الناس مرة وعليه مرة ويقول :
" إن ابني هذا سيد ولعل الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين " .
وعن أبى بكرة أيضا : كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصلى بالناس , وكان الحسن بن علىّ يثب على ظهره إذا سجد يفعل ذلك غير مرة قالوا إنك لتفعل بهذا شيئا ما رأيناك تفعله بأحد ؟ قال :
" إن ابني هذا سيد وسيصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين " .
وعن عبد الله بن الزبير قال : أشبه أهل النبى صلى الله عليه وآله وسلم به وأحبهم إليه الحسن , رأيته يجىء , وهو ساجد , فيركب رقبته أو قال ظهره , فما ينزله حتى يكون هو الذى ينزل , وقد رأيته وهو راكع يفرج له بين رجليه , حتى يخرج من الجانب الآخر . وفي البخاري عن أني مليكة عن عقبة بن الحارث قال : صلى بنا أبو بكر العصر ثم خرج , فرأى الحسن بن علىّ يلعب , فأخذه فحمله على عنقه وهو يقول : بأبى شبيه بالنبى , ليس شبيها بعلىّ , وعلى يضحك . وكانت فاطمة رضى الله تعالى عنها تهز الحسن وتقول : مثل ذلك . وعن زهير بن الأرقم قال : قام الحسن بن علىّ يخطب فقام رجل من أزد شنوءة فقال : أشهد لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم واضعه على حبوته وهو يقول :
" من أحبنى فليحبه وليبلِّغ الشاهد الغائب " . ولولا كرامة النبى صلى الله عليه وآله وسلم ما حدثت به أحدا .
وعن أبى هريرة رضى الله تعالى عنه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال :
" اللهم إنى أحبه وأحب من يحبه " .
فما كان أحد أحب إلىّ من الحسن بعد أن قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما قال .
وعنه رضى الله تعالى عنه قال : ما رأيت الحسن بن علىّ قط إلا فاضت عيناي دموعا , وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خرج يوما وأنا فى المسجد وأخذ بيدي واتكأ على , حتى جئنا سوق قينقاع فنظر فيه , ثم رجع حتى جلس في المسجد , ثم قال ادع ابنى فأتى الحسن بن علىّ يشتد حتى وقع فى حجره فجعل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يفتح فمه أي الحسن ثم يدخل فمه في فمه ويقول :
" اللهم إنى أحبه وأحب من يحبه ثلاث مرات " .
قيل أنه رضى الله تعالى عنه حج عشر حجات ماشيا وكان يقول : إنى لأستحى من ربى أن ألقاه ولم أمش إلى بيته , وقاسم الله تعالى ماله ثلاث مرات , فكان يترك نعلا , وخرج من ماله كله مرتين , وتحقق فيه قوله صلى الله عليه وآله وسلم : " إن ابنى هذا سيد " الحديث , فإنه لما ولى الخلافة بعد مقتل أبيه بايعه أكثر من أربعين ألفا كانوا بايعوا أباه على الموت ، وكانوا أطوع للحسن وأحب له , وبقى خليفة نحو سبعة أشهر فى العراق وخرسان واليمن والحجاز وغير ذلك . ثم سلم الأمر إلى معاوية بدون حرب وهو العزيز خوفا من إراقة دماء المسلمين , فلما بايعه خطب الناس قبل دخول معاوية الكوفة فقال : أيها الناس إنما نحن أمراؤكم وضيفانكم ونحن أهل بيت نبيكم الذين أذهب الله عنهم الرجس , وطهرهم تطهيرا وكرر ذلك حتى ما بقي إلا من بكى حتى سمع نشيجه , ولما دخل معاوية الكوفة قال له قم يا حسن فكلم الناس فيما جرى بيننا فقام الحسن في أمر لم يتروّ فيه فحمد الله وأثنى عليه ثم قال في بديته : أما بعد : أيها الناس فإن الله هداكم بأولنا وحقن دماءكم بآخرنا ألا إن أكيس الكيس التقي وأعجز العجز الفجور . وإن هذا الأمر الذي اختلفت فيه أنا ومعاوية إما أن يكون كان أحق به مني وإما أن يكون حقي تركته لله عز وجل ولإصلاح أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم وحقن دمائكم . ثم التفت إلى معاوية وقال :
" وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ " .
قال العلامة الصبان : ولما نزل عنها أى الخلافة ابتغاء وجه الله تعالى عوضه الله وأهل بيته عنها بالخلافة الباطنية , حتى ذهب قوم أن قطب الأولياء في كل زمان لا يكون إلا من أهل البيت , وممن قال يكون من غيرهم الأستاذ أبو العباس المرسي كما نقله عنه تلميذه التاج ابن عطاء الله . وهل أول الأقطاب الحسن أو أول من تلقى القطبانية من المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم فاطمة الزهراء مدة حياتها , ثم انتقلت منها إلى أبى بكر , ثم عمر , ثم عثمان , ثم علىّ , ثم الحسن ؟
ذهب إلى الأول أبو العباس المرسي , وإلى الثانى أبو المواهب التونسي كما في طبقات المناوي .
ورأيت في شرح المناوي الكبير على الجامع الصغير ما نصه : قال الحرالى : سلسلة أهل الطريق تنتهي من كل وجه من جهة المشايخ والمريدين إلى أهل البيت , فجهات طرق المشايخ ترجع عامتها إلى تاج العارفين أبي القاسم الجنيد , وبداية أبي القاسم أخذها من خاله السرى , والسرى ائتم بمعروف . وكان معروف مولى علىّ بن موسى الرضى : وهو عن آبائه رضى الله تعالى عنهم , فرجع الكل إلى علىّ كرم الله وجهه .
( أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ ) ا هـ .
ثم ذكر من كلامه رضى الله تعالى عنه : المروءة العفاف , وإصلاح الحال , الإخاء المواساة في الشدة والرخاء , الغنيمة الباردة الرغبة في التقوى . وكان يقول لبنيه وبني أخيه : تعلموا العلم فإن لم تستطيعوا حفظه فاكتبوه وضعوه في بيوتكم . ولما احتضر قال لأخيه الحسين رضى الله تعالى عنه : يا أخي أوصيك أن لا تطلب الخلافة فإنى والله ما أرى أن يجمع الله فينا النبوة والخلافة , فإياك أن يستخفك سفهاء الكوفة ويخرجوك فتندم حيث لا ينفعك الندم .
وأخرج بن سعد عن سعيد بن عبد الرحمن عن أبيه قال : تفاخر قوم من قريش فذكر كل رجل ما عنده , فقال معاوية للحسن بن علىّ رضى الله تعالى عنهما : ما يمنعك من القول ؟ فما أنت بكليل اللسان , فقال : ما ذكروا مكرمة ولا فضيلة إلا ولى محضها ولبابها , ففيم الكلام وقد سبقت مبرزا .
وفى المسامرات للشيخ الأكبر قال معاوية يوما وعنده أشراف الناس من قريش وغيرهم : أخبرونى أكرم الناس أبا وأما وعما وعمة وخالا وخالة وجدا وجدة , فقام مالك بن عجلان وأومأ إلى الحسن عليه السلام فقال : ها هو ذا أبوه علىّ بن أبى طالب وأمه فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم , وجدته خديجة بنت خويلد , وجده رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعمه جعفر الطيار في الجنة , وعمته أم هانىء بنت أبى طالب , وأخواله وخالاته أولاد النبى صلى الله عليه وآله وسلم , فسكت القوم ونهض الحسن , فقام رجل من بني سهم وقال أنت أمرت ابن عجلان على مقالته ؟ فقال ابن عجلان : ما قلت إلا حقا , وما أحد من الناس يطلب مرضاة مخلوق بمعصية الخالق إلا لم يعط أمنيته في دنياه , وختم له بالشقاء في آخرته بنو هاشم أنضركم عودا وأوراكم زندا كذلك يا معاوية ؟ فقال معاوية : اللهم نعم . توفى الحسن رضى الله تعالى عنه مسموما سنة خمسين على أحد الأقوال , ودفن في البقيع رضى الله تعالى عنه .
( فائدة ) : قال الحافظ السيوطي في تاريخ الخلفاء : أخرج البيهقي ,وابن عساكر من طريق أبي المنذر هشام بن محمد عن أبيه قال : أضاق الحسن بن علي وكان عطاؤه في كل سنة مائة ألف فحبسها عنه معاوية في إحدى السنين فأضاق إضاقة شديدة ,قال : فدعوت بدواة لأكتب إلى معاوية لأذكره نفسي ثم أمسكت فرأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في المنام , فقال :كيف أنت يا حسن ؟ فقلت :بخير يا أبت , وشكوت إليه تأخر المال عني , فقال أدعوت بدواة لتكتب إلى مخلوق مثلك تذكره ذلك ؟ فقلت نعم يا رسول الله , فكيف أصنع ؟ فقال : قل اللهم اقذف في قلبي رجاءك , واقطع رجائي عمن سواك حتى لا أرجو أحداً غيرك , اللهم وما ضعفت عنه قوتي وقصر عنه عملي ولم تنته إليه رغبتي ولم تبلغه مسألتي , ولم يجر على لساني مما أعطيت أحداً من الأولين والآخرين من اليقين فخصني به يا رب العالمين قال فوالله ما ألححت به أسبوعاً , حتى بعث إلى معاوية بألف ألف وخمسمائة ألف فقلت : الحمد لله الذي لا ينسى من ذكره , ولا يخيب من دعاه . فرأيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم في المنام فقال : يا حسن كيف أنت ؟ فقلت : بخير يا رسول الله , وحدثته بحديثي فقال : يا بني هكذا من رجا الخالق ولم يرج المخلوق .